الكاتب: Saleem Albeik

رسالة كان السينمائي: “المادة”

إلى اليوم، الميزة الأساسية لهذه الدورة من مهرجان كان السينمائي كانت في تطرفات أفلامه، ما بين العبثية والسخرية والعنف. فيلمنا هذا، “المادة”، أحد أكثرها تطرفاً في تصوير التحوّل البشري إلى مسخ بدوافع استهلاكية.

رسالة كان السينمائي: “أنواع من اللطف”

قبل الدخول إلى الصالة، حقيقةُ أن الفيلم لليوناني يورغوس لانثيموس تجعل التوليفة ما بين المُشاهد والفيلم، بشكل مسبق، حالةً خاصة بهذا المخرج الذي يواصل بفيلمه المشارك بالمسابقة الرسمية لمهرجان كان، أسلوبَه الاحتفائي بالشكل، والعابث بالمضمون، ولا أقول الموضوع فهذا لا ملامح له. هي توليفة ينحَّى فيها المنطق جانباً، ما يحرّر الشخصيات من علاقات مفهومة ضمناً بينها وبين بعضها، وما يحرّر كلاً من الصورة والنص، أحدهما من الآخر.

رسالة كان السينمائي: “طَير”

في فيلمها، تستعيد البريطانية أندريا أرنولد ما يمكن تسميته اليوم بالإرث السينمائي الاجتماعي في بلدها، المتأسّس على أفلام كين لوتش ثم مايك لايه، تصوير شخصيات بحالات فقر مدقع واستخراج عوالمها وهمومها الخاصة غير المدرَكة بالضرورة لآخرين، وبموثوقية شهدنا مثيلها في هذا الفيلم.

رسالة كان السينمائي: “أوه كندا”

لن يستغرب أحدنا في الخروج من فيلم للأمريكي بول شرايدر بشعور جيد حيال السيناريو المأخوذ عن رواية، وحسب. الأساس الأدبي للسيناريو قيمة أولى، والمهارة الكتابية لصاحب السيناريو ومخرج الفيلم قيمة ثانية، وهو مؤلف السيناريو المتميز في تاريخ السينما لفيلم “سائق التاكسي” لمارتن سكورسيزي عام ١٩٧٦.

رسالة كان السينمائي: “الفتاة ذات الإبرة”

الفيلم مأخوذ عن أحداث حقيقية جرت في كوبنهاغن عام ١٩١٩، هذا لوحده يعطي قيمة للأحداث، في أنها معقولة وحصلت يوماً ويمكن، بالتالي، أن تحصل مجدداً في حياة المُشاهد المحايد، مهما تطرفت الأحداث ومهما بعُد هو عنها مكاناً وزماناً.

رسالة كان السينمائي: “ميغالوبوليس”

هل يكون “ميغالوبوليس” “متروبوليس” آخر؟ لم يخطر لي السؤال، ولا حتى فيلم فريتز لانغ المرجعي (Metropolis، ١٩٢٧) قبل المَشاهد الأولى من فيلم فرانسيس فورد كوبولا، وإن تشابهت الأسماء. هو الفيلم الأكثر ترقباً لدى كثيرين كنت منهم، في هذه الدورة من مهرجان كان السينمائي التي يشارك الفيلم في مسابقتها الرسمية.

رسالة كان السينمائي: ٤ زوايا لفلسطين

قد لا يتوقع أحدنا أن تمر الدورة ٧٧ لمهرجان كان السينمائي، من دون حضور لفلسطين، بأي شكل، وضمن سياق حالات تضامن شاسعة تشهدها القضية، بالكاد خلت منها مهرجانات وفعاليات ثقافية وفنية. كان هذا حال مهرجان برلين السينمائي قبل ثلاثة أشهر، وقد لا يكون “كان” استثناء هنا، مهما حاول النأي بنفسه عن الموضوع لإرضاء الجميع. هو الرياء الليبرالي.

النكبة والأدب والإبادة في السينما الفلسطينية

يُحيل السؤالُ عن حضور النكبة وغيابها في السينما الفلسطينية، تلقائياً، إلى آخر موازٍ هو حضور الأدب فيها، الرواية تحديداً. وذلك لسببين، أولهما اشتراكُ كل من النكبة كموضوع سينمائي، والرواية كنوع أدبي، في جوهرية الحكاية، فرديةً وجمعية، كعنصر أوّلي مفترَض لأي عمل سينمائي فلسطيني يتطرّق لقصة وشخصياتها. ثانيهما احتواءُ كل من النكبة كموضوع، والأدب كنوع، للآخر. ليكون أخيراً، خلوّ السينما الفلسطينية من النكبة متفرّعاً عن خلوّها من الأدب، والعكس كذلك صحيح، وذلك واحد من أسس الخلل في عموم هذه السينما. فإن كان لأحدنا أن يسمي بكلمة واحدة، الخلل الأول، ستكون: السيناريو.

ما هي الأفلام الفلسطينية الأولى، ولماذا؟

الحديث عن أوّل فيلم فلسطيني يحتمل نقاشات يكون لكل منها اعتباراتها ومعاييرها. استحالة الحسم في ذلك، وتَوازي المقاربات، تجعلان من تسمية هذا الفيلم أو ذاك أوّلَ فيلم فلسطيني، عمليةً حيوية، فكرية وسياسية بقدر ما هي ثقافية. تختلف التسميات باختلاف المقاربات.

ما هو أوّل فيلم فلسطيني؟ وكيف؟

قد يلفت نظرَ المتمعّن والمتفحّص في السينما الفلسطينية، عدم اتفاق على هوية أول فيلم فلسطيني، أو على إجابة واحدة للسؤال أعلاه. وإن حصرنا الحديث، لغايات بحثية تجعل من الإجابة محاولة غير عبثية، بالفيلم الروائي الطويل، نسأل: ما هو أول فيلم روائي طويل فلسطيني، أو للدقة: ما هي الأفلام التي تجد من يبرّر تربّعها في متن الإجابة عن هذا السؤال؟ تتناول هذه الأسطر أول فيلمين مرشحين لتلك الإجابة.

كي تتخطى الفنونُ الصدمةَ إلى الثورة

يخطر لأحدنا سؤالُ إن كان الفلسطينيون سيمرّون اليوم في حالةٍ مماثلة لما بعد الصدمة التي مرّوا بها لعقد وأكثر، ما بعد النكبة، قبل أن يستعيدوا عافيتهم في الستينيات، أدبياً وفنياً ووطنياً، ليصنعوا ثورتهم التي ستطوي حالة التروما تلك، وتصنع فنونها التي كانت ثورية آنذاك، ملازمة للعمل الفدائي.

“قضية الغرباء”… اللجوء السوري سلعةً سينمائية

عين العطف التي ينظر بها الكثير من المتضامنين من الغرب مع قضايا منطقتنا العربية، فلسطينياً، أو لموضوع فيلمنا هذا، سورياً، قد تُعمي، عينُ العطف هذه، أعيناً أخرى يمكن أن تنظر إلى شعوبنا وتتضامن معها من دون أن يكون العطف نوعاً من فوقيةٍ استعمارية بيضاء متمثلة بسلوكٍ بكائي تجاه مآسي هذه الشعوب.

“خيال أمريكي”… نموذج زجاجات جوني ووكر

هل يصح القول إن هذا الفيلم سينما سوداء، بمعنى أنه ينقل قصصاً وشخصيات لأمريكيين سود ومجتمعهم؟ وقد نقلتها أفلام تفاوتت في مقارباتها، من الكوميديّة لسبايك لي إلى التراجيديّة لستيف ماكوين وأنتوان فوكوا، وآخرين نقلوا في معظم أعمالهم قصصاً لأمريكيين سود، من تاريخهم وراهنهم. من العبودية إلى العنصرية، حتى اليوم وقد تحول كلاهما إلى شكل جديد أقرب لتنميط الأمريكي الأسود وعزله، كما نراه هنا، بكوميديا ساخرة، “خيال أمريكي”.

“منطقة اهتمام”… الشِّعر بعد أوشفيتز وتفاهةُ الشر 

مع كل فيلم جديد عن كارثة تاريخية بعينها، يتساءل أحدنا عن مدى حساسية العمل الفني في نقل ظرفٍ إنساني متطرف، عن إمكانية هذا العمل بل ومشروعيته، فالكوارث تتخطى أيّ تمثيل فني يقاربها. نذكر هنا مقولة ثيودور أدورنو في أن “كتابة الشعر بعد أوشفيتز يُعدّ عملاً بربرياً.” الإشارة في الغالب إلى استمرارية الإنتاج الثقافي بما فيه الشعر، على صورته ذاتها لما كانت عليه قبل المحرقة، وإلى منظومة العمل الثقافي بما فيه أشدّها رهافة، كتابة الشعر.

رسالة سان سيباستيان: “التمرين”… يوميات خائبة

المساحة التي تمنحه إياها، لمهرجان سان سيباستيان، محدوديتُه، تسمح لأنواع من الأفلام بالحضور، في وقت قد لا تجد، الأفلام، أمكنةً لها في مسابقات أخرى لمهرجانات أكبر. التجريب مقبول هنا، التجريب ضمن النوع الروائي، حيث تكون للعبثية مساحة أكثر مما يمكن أن تقبله مسابقات لأفلام تضع حدا ما للعبثيات كي تقبلها هذه التظاهرة أو تلك في هذا المهرجان أو ذاك. هنا، في المهرجان الإسباني، المسؤولية أقل، يكون الانفتاح، بالتالي، أكبر.

هل الفيلم النضالي “أرشيف منفى”؟

في الحالة الفلسطينية، وتحديداً لسينما الثورة، النوع النضالي منها على الأخص، الأفلام التي صنعتها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية منذ نهايات الستينيات حتى أوائل الثمانينيات، تكثر الإشارات إليها كأرشيف، وكذلك إلى كونها أرشيف منفى، تماماً كما جاء عنوان الحدث الذي شهدته سينماتك تولوز هذا الشهر، بتنظيم من مهرجان السينما الفلسطينية في المدينة الفرنسية.

“برلين السينمائي”… مناسبة فلسطينية رغماً عنه

حفل الختام لمهرجان برلين السينمائي الشهر الماضي، كان بداية لكرنفال تحريضي من قبل إعلاميين وسياسيين ألمان، على المهرجان وحفله، تحديداً كلمات الفائزين والمحكمين، والكوفيات التي طبعت دورة هذا العام من البرلينالي، ما جعل المهرجان (السينمائي) عرضةً لاتهامات باللاسامية في الإعلام الألماني.

الامتنان السينمائي الفلسطيني لوليد شميط

لم نلتقِ من بعد اندلاع الحرب الكارثية على أهلنا في قطاع غزة. حالنا كحال غيرنا، إذ لم تسمح فداحةُ المصاب بفرصٍ للقاء والحديث في موضوعها أو مواضيع غيرها. كانت “فلسطين” تخرج في كلامه كثيراً، يذكرها في حديثه السينمائي والسياسي، وفي ذكرياته عن زمنٍ كان للفلسطينيين فيه ثورتهم وسينما هذه الثورة. كانت تكثر في أحاديثه قبل الحرب كما يمكن أن تكثر في أحاديث غيره من بعدها.

خيبة البرمجة والجوائز في “برلين السينمائي”

من بعد مهرجان كان السينمائي العام الماضي، وقد ازدحم بالأسماء الوازنة من السينمائيين، أدرك أحدنا، بأثر رجعي، سبباً محتمَلاً في تدني مستوى المشاركات في مهرجان برلين السينمائي العام ذاته، قدّم المهرجان عامها أفلاماً جميلة لا أسماء كبيرة.

رسائل البرلينالي: “مجد!”

هو الفيلم الأول لمخرجته المعروفة كمغنّية وممثلة. هنا كانت تجربتها الأولى في الإخراج، مستوحاة من مجالها الموسيقي، مما تعرفه مسبقاً، ما يطرح أسئلة حول ما يمكن أن تصنعه مارغريتا فيكاريو من بعد فيلم أوّل استثمرت مجالها الأساسي تماماً فيه.

رسائل البرلينالي: “شامبالا”

ليس العنوان وحسب ما يحيل إلى تعاليم بوذية تِبتيّة، فالشامبالا هناك مملكة روحية، بل الفيلم بأكمله داخل إلى هذه العوالم، من التصوير المنفتح بعدسات واسعة، على جبال الهمالايا النيباليّة، إلى منطق القصة وتصرف الشخصيات، كأن يبدأ الفيلم بعرس لامرأة من ثلاثة رجال أشقاء، زوج أوّل هو مزارع، والثاني راهب، أما الثالث فطالب في المدرسة.

رسائل البرلينالي: “شاي أسود”

انتظر أحدنا عشرة أعوام منذ الفيلم الأسبق للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو “تمبكتو”، ليترك أخيراً الصالة بخيبة لم يرِدها. فالقصة وهي علاقة حب قلقة بين امرأة من ساحل العاج ورجل من الصين، واللقطات الجميلة كما بيّنت الصور المتاحة قبل المشاهدة، أمكن لها أن توحي بفيلم رقيق وجديد في طرحه. لكنها لم تفعل.

رسائل البرلينالي: “احتياجات مسافرة”

المخرج الكوري هونغ سانغ-سو صاحب أسلوب خاص، كثيف الإنتاج والحضور في المهرجانات، بل ونيل جوائزها، يمكن أن يُخرج فيلمين في العام ويعرضهما في اثنين من المهرجانات الكبرى. هو حالة خاصة عالمياً في كل هذا. ولسطوة أسلوبه، يختار أحدنا مشاهدة فيلم له، من دون تردد، لمعرفة مسبقة بخصوصية ما سيشاهده.

رسائل البرلينالي: “يموت”

قد يكون من بين الأقوى على طول هذه الدورة من مهرجان برلين السينمائي، في مسابقته الرسمية، يساعد في ذلك أيضاً أن لا أفلام قوية حتى الآن، بمعنى أن أحدها متكامل بوصفه فيلماً بجوانب فنية مختلفة يمكن أن ينافس، من خلال تكامله، على أهم جوائز المهرجان.

رسائل البرلينالي: “خارج الزمان”

تنقّل المخرج الفرنسي أوليفييه أسّاياس بين مهرجانَي كان وفينيسيا مرّات قبل أن يُدرج أول فيلم له في مهرجان برلين السينمائي. فبعد ٥ أفلام في كان، تخللتها ٣ في فينيسيا، أولها عام ٢٠٠٠ في المهرجان الفرنسي، وآخرها عام ٢٠١٩ في المهرجان الإيطالي، أدخل أساياس فيلمه الأول إلى البرلينالي، كأنه أول تردداته إلى هذا المهرجان بعد محاولات عدة في المهرجانين لم ينل فيها  سوى “أفضل إخراج” عن Personal Shopper، و”أفضل سيناريو” عن Something in the Air، والحديث دائماً عن المسابقات الرسمية.